بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / مُصْطَلَح ( النُّور ) / إِنَّ لعَالَم (النُّور) تأصيل في بيانات الوحي ، وقد ذُكِرَ عنوانه في بيانات القرآن الكريم في سور وآيات عديدة ، منها : بيانات سورة النُّور . وأَوائل خلقته ليست جِسمانيَّة. / (عوالم النُّور ) على طبقات / وبالجملة : المقصود من (عوالم النُّور) الواردة في بيانات الوحي : عوالم فوق عَالَم الآخرة الأَبديَّة ـ عَالَم الجنَّة والنَّار الأَبديَّتين ـ تتصاعد إِلى العرش ، بل وفوقه. إِذَنْ : عوالم النُّور على طبقات ، بعضها دون العرش ، والآخر في مرتبة العرش ، والثَّالث فوق العرش . وبالجملة : عنوان ومُصطلح (النُّور) يُطلق في بيانات الوحي وأَبواب المعارف ويُراد منه : تارة : عَالَم الأَسماء والصِّفَات الإِلٰهيَّة ؛ والمخلوقات المُجرَّدة تجرُّداً تامّاً عن الجسميَّة . إِذَنْ : هذا النَّحو من العوالم ومخلوقاته ليست فيه رائحة الرُّوح والجسمانيَّة والجسم اللَّطيف الَّذي يُدْرِكه العقل ؛ فضلاً عن الأَغلظ . وأُخرىٰ : الجسم اللَّطيف النَّافِذ في غيره ؛ والموجودات الجسمانِيَّة الكاملة وإِنْ كانت روحيَّة ؛ فلشدَّة تلطُّفها وعظيم طاقتها وهول حركتها ، ولعدم تمكُّن الموجودات والمخلوقات والأَرواح النَّازلة رصدها ورصد حركتها وروحانيَّتها تحسبها أَنواراً فَحَسْبُ ؛ ومُجرَّدة تجرُّداً تامّاً عن الجسم والجسمانيَّة ؛ وحركتها دَفَعِيَّة ، وفعلها دَفَعِيّ اِبداعي . والحال أَنَّه ورد في بيانات الوحي : أَنَّها أَجسام لطيفة ؛ وَمِنْ ثَمَّ تكون حركتها تدريجيَّة ، وفعلها تدريجي . فلاحظ : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... والروح جسم رقیق ... »(1). ودلالته واضحة. ومنه تَتَّضِح : قاعدة مطَّردة وضابطة كُلِّيَّة ؛ وهي : « أَنَّ الموجودات الأَضعف والأَدنىٰ وفي العوالم النَّازلة ترىٰ مخلوقات العوالم الصَّاعدة وأَرواحها أَنواراً مُجرَّدة تجرُّداً تامّاً ؛ ولم ترتبط ببدن قَطُّ ؛ وحركتها دفعيَّة وفعلها اِبداعيّ ؛ مع أَنَّ واقعها غير ذلك » . / خطورة حركة الرُّوح / ويَنْبَغِي الْاِلْتِفَات : أَنَّ للرُّوح حركةً ، وهي عظيمة ومهولة وخطيرة جِدّاً . وروح المؤمن من الإِنس أَسرع عُروجاً ونزولاً من عروج ونزول الملائكة وَأَرواحها. وَمِنْ ثَمَّ ورد في بيانات الوحي : (أَنَّ المؤمن إِذا نام عُرج بروحه إِلى العرش)، فتكون مسافة السَّماوات السَّبع بالنِّسْبَة لحركة روح الإِيمان خطفة ؛ أَسرع من حركة أَجسام الملائكة وأَرواحها عروجاً ونزولاً . فالتفت . / تَفَاوت الأَرواح وحركاتها فِي نفسها وفيما بينها / ثُمَّ إِنَّ فاصل التَّفاوت بين الأَرواح بعضها مع الآخر وحركاتها ، بل بين طبقات الرُّوح الواحدة بالغ الِاختلاف ؛ فمثلاً : الفاصل بين (روح القدس ـ حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة ـ) و(الرُّوح الأَمين ـ جبرئیل عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ) شيء مهول وخطير جِدّاً ، وَمِنْ ثَمَّ حينما تُلاحِظ الملائكة أَفعال رُوح القدس وحركاته تحسبها دفعيَّة. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 6: 216/ح8. الاحتجاج، 2: 96